الاستراتيجية الروسية في الشرق الاوسط
الاستاذ حسين بهاز *
ان المستطلع للتستراتيجية الروسية في الشرق الاوسط و للعلاقات الروسية العربية يلاحظ أن تغير الأنظمة حديثا من القيصرية إلى النظام الاشتراكي في عهد الاتحاد السوفييتي لم يبدل الكثير من تفاعل العلاقات بين الطرفين. ومع ظهور روسيا الاتحادية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وقع مد وجزر في هذه العلاقة بعد انحصار الدور الروسي في الفضاء العربي و احداث نزع من الفراغ الاستراتيجي في ظل سيطرة وتنامي دور الولايات المتحدة الامريكية في النظام الدولي , و ما تلاه من جملة من التحديات التي واجهت روسيا في اطار التنظيم الداخلي و الخارجي (مجيء بوتين وآليات استقرار النظام , البناء الاقتصادي, التعاطي مع النسيج الاجتماعي و فسيفساء القوميات, الشيشان , جورجيا و هاجس الدرع الصاروخية...) كل ذلك في ظل اتجاهات التقارب مع الولايات المتحدة الامريكية أو ما يسمى " مبدأ السلام المتوتر"و التوجه نحو الاتحاد الأوروبي "مبدأ التعاون الحذر" و أبعاد السياسة الخارجية الروسية في آسيا" مبدأ أنظر شرقا" ...و لكن ماذا عن العالم العربي ؟
و الراصد لمنطق العلاقات الروسية العربية سيجد انها متعددة الابعاد و الاتجاهات القائمة على الشراكة الاقتصادية و التقنية و التجارية , التعاون في مجال الطاقة و السلاح و كذا الاستثمار العربي في روسيا كما انه على الصعيد السياسي تحاول روسيا دائماً بناء مواقف متوازنة وعادلة من المشاكل الخلافية بين الدول العربية من ناحية وبينها وإسرائيل في ما يخص القضية الفلسطينية , كما تحاول روسيا أن تتعامل مع العالم العربي ككيان إقليمي تختلف في ذلك مع دول كبرى أخرى ترفض مفهوم العالم العربي أو الوطن العربي وتسعى الى إذابته في كيان أكبر يراوح ما بين مفهوم "الشرق الأوسط الكبير" أو "دول حوض المتوسط"، وغيرها من الطروحات والمشاريع للمنطقة استكمالاً لمحو هوية هذه المنطقة وربطها بمنظومة الدول الغربية تحت عناوين مختلفة.
ولعلّ أبرز ميزات السياسة الخارجية الروسية في المنطقة العربية والشرق الاوسط هو تأكيدها المستمر على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولها وهي أظهرت تحفظاتها على مشروع تشجيع الديمقراطيات وفرضها من الخارج واستخدامه ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلي كما هو الحال مع الوضع في سوريا وأيّدت فكرة الاصلاح من داخل دول المنطقة ...كما أن لبعض الدول العربية علاقات مميزة مع روسيا تأثرات بفعل بعض الهزات و التجاذبات كما كان الشأن في الحروب الشيشانية و الحرب البوسنية ...و حتى في مرحلة الثورات العربية و المواقف المرتبطة بها ...و المتغير الذي برز جليا هو التدخل العسكري الروسي في سوريا في اطار محاربة الارهاب الدولي و تقاطع المصالح الدولية في رسم مستقبل خارطة الشرق الوسط الجديد .
وعليه سيحاول المقياس استعراض مرتكزات الاستراتيجية الروسية في الشرق الاوسط و الثابت والمتغير في العلاقات الروسية العربية في ظل التطورات الدولية الراهنة و كذا افاق السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط ككل و السناريوهات المحتملة لمستقبل هذه العلاقات من خلال معالجة المحاور التالية :
الاستراتيجية الروسية في الشرق الاوسط : قراءة في المحددات و الاهداف
تاريخ العلاقات الروسية العربية و
الفراغ الاستراتيجي في المنطقة العربية
مرتكزات الاستراتيجية الروسية تجاه المنطقة في عهد فلاديمير بويتن
روسيا و الازمات العربية في الشرق
الاوسط : القضية الفلسطينية , الحالة السورية , الوضع في
ليبيا
العلاقات الروسية الخليجية بين
المنظور الاستراتيجي و البراغماتي
السيناريوهات المحتملة للسلوك الروسي في الشرق الاوسط و مستقبل العلاقات العربية الروسية
* استاذ بقسم العلوم السياسية ( اختصاص العلاقات الدولية )– كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة قاصدي مرباح . ورقلة bhzhoun@yahoo.fr .
- Teacher: bahaz houssine